اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 96
كان عم يعقوب، ولكن العم بمنزلة الأب بدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ» . ثم قال: إِلهاً واحِداً، أي نعبد إلهاً واحداً. وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أي مخلصون له بالتوحيد.
[سورة البقرة (2) : آية 134]
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (134)
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ أي جماعة قد مضت. لَها مَا كَسَبَتْ، أي جزاء ما عملت من خير أو شر. وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يقولون:
نحن على دينهم، فقال لهم: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، لا تقدرون عليهم فيشهدوا لكم، فلهم ما عملوا وإنما لكم ما تعملون، وإنما ينظر اليوم إلى أعمالكم، ولا ينفعكم من أعمالهم شيء.
[سورة البقرة (2) : آية 135]
وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)
قوله تعالى: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا، وذلك أن يهود المدينة ونصارى أهل نجران اختصموا، فقال كل فريق: ديننا أصوب، ونبينا أفضل. فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أينا أفضل؟ فقال لهم: «كُلُّكُمْ عَلَى البَاطِلِ» . فأعرضوا عنه فنزلت هذه الآية: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى يعني اليهود قالوا: كونوا على دين اليهود والنصارى قالوا: كونوا على دين النصرانية تهتدوا من الضلالة.
قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وإنما نصب الملة على معنى: بل نتبع ملة إبراهيم حنيفاً. ويقال: معناه واتبعوا ملة إبراهيم. وقال مقاتل: بل الدين ملة إبراهيم حنيفا، أي مخلصاً. وقال القتبي: حنيفاً أي مستقيماً. ويقال للأعرج حنيف نظراً إلى السلامة، كما يقال للديغ: سليم، وللجبانة مفازة، وإن كانت مهلكة.
وقال الزجاج: أصل الحنف إذا كان أصابع الرجل مقبلاً بعضها إلى بعض إقبالاً لا تنصرف عن ذلك أبداً، فكذلك كان إبراهيم عليه السلام مقبلاً على دين الإسلام، مائلاً عن الأديان كلها وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ولكن كان على دين الإسلام. فقال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كيف نقول حتى لا نكذب أحداً من الأنبياء؟.